اقتصاد

عوائد الخزانة الأمريكية المرتفعة.. هل تقنع مسؤولي الاحتياطي الاتحادي بعدم رفع معدلات الفائدة أكثر؟

عوائد الخزانة الأمريكية المرتفعة.. هل تقنع مسؤولي الاحتياطي الاتحادي بعدم رفع معدلات الفائدة أكثر؟

في ظل تسجيل عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات ارتفاعا بنحو 40 نقطة أساس، منذ اجتماع سياسة بنك الاحتياطي الاتحادي /البنك المركزي الأمريكي/ يوم 19 سبتمبر الماضي، إلى 4.8 بالمئة حتى إغلاق يوم الجمعة الماضي، يرى مسؤولو بنك الاحتياطي الاتحادي أن هذا الارتفاع يخلق ظروفا مالية متشددة يمكنها أن تحل محل الزيادة في معدلات الفائدة التي يفرضها البنك المركزي لمكافحة التضخم.

ويناقش المسؤولون ما إذا كان سيتم رفع سعر الفائدة مرة أخرى هذا العام أو إبقاؤها على ما هي عليه طوال عام 2024. ويبلغ سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية أعلى مستوى له منذ 22 عاما عند 5.25-5.5 في المئة، بعد واحدة من أقوى الجهود التي بذلها البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة التي أدت إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، وذلك من أجل تقليل الطلب على النقود أو ما يسمى بسياسة التشديد النقدي.

وذكرت وكالة /بلومبيرغ/ الاقتصادية للأنباء، في تقرير لها، أن كبار المسؤولين في بنك الاحتياطي الاتحادي باتوا متفقين على فكرة مفادها أن الظروف المالية المتشددة، التي أوجدت، بعد الارتفاع الأخير في عوائد سندات الخزانة الأمريكية قد تحل محل زيادات إضافية في أسعار الفائدة القياسية.

ونقلت الوكالة عن فيليب جيفرسون نائب رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي، أمس الإثنين، إنه سيظل مدركا بشأن التشديد في الظروف المالية من خلال ارتفاع عوائد السندات أثناء تقييم المسار المستقبلي للسياسة النقدية، مرددا تعليقات مماثلة من صناع السياسة الآخرين مؤخرا.

وأكد الرجل الثاني في بنك الاحتياطي الاتحادي، على حاجة هذا البنك إلى “المضي قدما بحذر” في قراراته المقبلة بشأن سعر الفائدة، مشددا على أنه سيضع في الحسبان ارتفاع عوائد سندات الخزانة عندما يتعلق الأمر بما إذا كان تشديد السياسة النقدية أمرا ضروريا أم لا.

وفي تعليقات منفصلة، ذهب لوري لوجان رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في دالاس إلى حد القول إن المستجدات الأخيرة في الظروف المالية يمكن أن تعوض حاجة البنك المركزي إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات.

من جانبها، قللت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية من شأن المخاوف حول الاضطراب في سوق السندات الحكومية الأمريكية البالغة 25 تريليون دولار، والذي دفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى منذ عام 2007. وأدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في بلدان أخرى، وفقا لـ/فايننشال تايمز/ البريطانية.

وسجلت عوائد السندات الأربعاء الماضي، تراجعا طفيفا بعد أن اقتربت الى أعلى مستوياتها منذ 16 عاما، حيث ساعدت بيانات سوق العمل الأمريكية الضعيفة في تخفيف مخاوف المستثمرين بشأن رسالة مجلس الاحتياطي الاتحادي “ارتفاع لفترة أطول” بشأن أسعار الفائدة.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن بعض المحللين أن عوائد السندات المرتفعة تهدد بدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود، مشيرين إلى أنه عندما ترتفع العوائد بقوة، فإن ذلك يخلق ضريبة محتملة على الاقتصاد، مما سيولد رياحا معاكسة تواجه النمو الاقتصادي.

كما نسبت الـ/فايننشال تايمز/ للوزيرة يلين القول إن زيادة تكاليف الاقتراض لم تحدث خللا في الأسواق المالية الأمريكية، كما أبدت تفاؤلا حيال قدرة البنوك والشركات والأسر على تحمل أسعار الفائدة المرتفعة.

وذكرت في تصريحات لها أمس في بداية الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي هذا الأسبوع في مراكش أنها لا ترى أي دليل على وجود خلل، بسبب زيادة أسعار الفائدة، مضيفة أنه عندما تكون المعدلات أكثر تقلبا، أحيانا ترى بعض التأثير على الأسواق المالية، مشيرة إلى أنها لم تكن على علم بأي شيء غير عادي بشكل خاص.

واكتسبت عمليات البيع للسندات زخما يوم الجمعة الماضي، بعد صدور تقرير الوظائف الأخير، الذي أصدره مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة، حيث أظهر إضافة أكثر من 330 ألف وظيفة في سبتمبر هذا العام، أي حوالي ضعف توقعات الاقتصاديين، مما أثار القلق من أن أكبر اقتصاد في العالم يحتفظ بزخم كبير للغاية بحيث لا يمكن ترويض التضخم بالكامل.

ووصفت يلين نتائج تقرير الوظائف بأنه مثير للإعجاب، مضيفة أن النمو هو شيء إيجابي وليس سلبيا، مما يعكس تزايد عدد الأشخاص الراغبين في العمل والعثور على وظائف. وأوضحت المسؤولة الأمريكية أن التقرير يتوافق مع المسار الذي لا ترى فيه المزيد من الضيق في سوق العمل.

ويرى الخبراء الاقتصاديون أن يؤدي سوق العمل الضيق (السوق الذي يكون فيه عدد الوظائف أكبر من المتقدمين لها) إلى الاسهام في زيادة التضخم، حيث يتفاوض فيه المتقدمون للوظائف على رواتب أعلى.

ونقلت /فايننشال تايمز/ تشديدا لوزيرة الخزانة الأمريكية قالت فيه إن ما يمكن أن يكون مشكلة هو أننا نرى أن يكون سوق العمل محموما، إلا أنها ذكرت أنها لم تر دليلا هنا على ذلك.

بيد أن مجلس الاحتياطي الاتحادي يرى أن سوق العمل سيحتاج إلى التهدئة من أجل خفض ضغوط الأسعار، مؤكدا على إمكانية تجنب الركود “المؤلم”، حتى مع تجديد التزامه في اجتماعه الأخير بشأن السياسة في سبتمبر بالحاجة إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة ممتدة، وفقا للصحيفة البريطانية .

كما رفضت يلين المخاوف من أن البنوك قد تعاني من تكرار الاضطرابات التي حدثت في وقت سابق من هذا العام، والتي أعقبت قفزة حادة في تكاليف الاقتراض. واختتمت أن البنوك الضعيفة اتخذت خطوات لمعالجة نقاط الضعف لديها، مضيفة أنه ومع ارتفاع معدلات الفائدة، فإنه ليس من الواضح أن ذلك يفرض قدرا كبيرا من الضغط على الأسر أو الشركات.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

CAPTCHA


زر الذهاب إلى الأعلى