الفحص النافي للجهالة وأهميته في استحواذ الشركات (Due Diligence)
في عام 2017، قامت شركة «أوبر» بالإعلان عن الرغبة على الاستحواذ على شركة «أوتو»، وهي شركة رائدة في تكنولوجيا القيادة الذاتية للشاحنات، فمن خلال الفحص النافي للجهالة الذي قامت به شركة «أوبر» عن طريق المحامين والمتخصصين، تبين لها أن شركة «أوتو» تواجه دعوى قضائية من شركة تكنولوجيا أخرى تدعي انتهاك حقوق الملكية الفكرية.
وتبين أيضاً أن هذه الدعوى القضائية مهمة جداً وتشكل مخاطرة قانونية كبيرة لشركة «أوتو» وهذا الأمر يجب أخذه في الاعتبار قبل إتمام الصفقة، بعد ذلك قررت شركة «أوبر» إعادة التفاوض على شروط الاستحواذ وإعادة تقييم قيمة الصفقة. فتم الاتفاق على شروط جديدة تعكس المخاطر القانونية وتحمي مصلحة شركة « أوبر».
يُعد الفحص النافي للجهالة أداة حيوية في عملية استحواذ الشركات. فهو عبارة عن عملية تحقق وتقييم شامل للشركة المستهدفة، سواء كانت شركة تجارية أو صناعية أو مالية، لكشف البيانات والمعلومات المتعلقة بالشركة وتقييمها بدقة. يهدف الفحص النافي للجهالة إلى تقييم الأصول والخصوم والمخاطر والعوائد المتوقعة، ويوفر رؤية شاملة للمشتري بشأن الشركة وما يتعين عليها أخذه في الاعتبار قبل اتخاذ قرار الاستحواذ.
يعد الفحص النافي للجهالة مهم جداً في أي عملية استحواذ سواء كان الاستحواذ على حصص في شركات أو استحواذ على كامل الحصص، وفيما يلي بعض الشواهد التي تبرز أهميته:
– تقييم المخاطر والفرص: يساعد الفحص النافي للجهالة على تحديد المخاطر المحتملة التي قد تواجه الشركة المستهدفة، سواء كانت مخاطر مالية أو قانونية أو تنظيمية. كما يمكن من خلاله تحديد الفرص الاستثمارية المحتملة والنماذج التجارية الناجحة التي يمكن أن تعزز النمو والربحية في المستقبل.
– تحليل الأصول والخصوم: يتيح الفحص النافي للجهالة فهمًا عميقًا لهيكل رأس المال والأصول المملوكة والخصوم المالية للشركة. يسمح هذا التحليل بتحديد القيمة الفعلية للشركة ومدى توافقها مع استراتيجية المشتري المحتمل.
– تقييم الأداء المالي والتشغيلي: يمكن للفحص النافي للجهالة تقييم الأداء المالي والتشغيلي للشركة المستهدفة. يشمل ذلك تحليل القوائم المالية، والتحقق من صحة التقارير المالية، وتقييم كفاءة العمليات والنماذج التجارية المعمول بها.
– الامتثال للقوانين والأنظمة: يمكن للفحص النافي للجهالة التحقق من مدى امتثال الشركة للقوانين والتشريعات المعمول بها في القطاع الذي تنشط فيه، حيث يعد الامتثال القانوني أمرًا حاسمًا للحفاظ على سمعة الشركة وتجنب المخاطر القانونية المحتملة.
– الجوانب القانونية والعقود: يتطلب الاستحواذ على الشركات إجراء صفقات قانونية وتوقيع عقود. يساعد الفحص النافي للجهالة في تحليل العقود الحالية، بما في ذلك حوكمة الشركة وعقود العمل وعقود التأمين وعقود العملاء والموردين وغيرها، والتأكد من سلامتها والتزام الشركة بها.
ختاماً، يُعد الفحص النافي للجهالة أداة حيوية تعزز نجاح عملية استحواذ الشركات. فمن خلاله يتم الكشف عن المعلومات المهمة التي تؤثر في صفقات الاستحواذ. قد تكون في شكل دعاوى قضائية، مخاطر مالية، قيود قانونية، أو تحديات تشغيلية. وكما ذكرنا لولا الفحص النافي للجهالة، لما تمكنت شركة «أوبر» من اكتشاف الدعوى القضائية التي بسببها قررت إعادة التفاوض مع «أوتو» على شروط الاستحواذ وحماية مصالحها المالية والقانونية.
** **
د. عبدالعزيز بن صالح العجلان – دكتوراه في قانون الشركات من الولايات المتحدة. ماجستير في القانون التجاري من أستراليا. دبلوم في القانون الرياضي من أثينا.
@alajlan_lawyer
